بسم الله الرحمن الرحيم
بكل تواضع
نستجيب لك
ملامح الإعداد التربوي والاجتماعي
وتأتي ملامح الإعداد التربوي والاجتماعي لتشكل الأرضية الصلبة للبناء الإسلامي المعاصر والمهيأ للتجاوب مع التحديات الكبرى التي يواجهها المسلمون وسوف تعتمد هذه الملامح على نظرية واحدة شاملة وهي عبارة عن عدة تربوية متكاملة وجاهزة للاستخدام حيث يستطيع أي مسلم أن يستخدمها في أي زمان ومكان بغض النظر عما يتوافر لديه من إمكانات كما أنها تعفي المربين من تعقيد الفلسفات المعاصرة وضغوط المناهج المسماة بالحديثة وهذه النظرية يمكن أن تُعنون بالتالي:
نظرية إحياء المعادلات القرآنية والسُّـنّية في الإعداد والتربية
منطوق النظرية : أن يعتمد المربون والمعلمون والموجهون والوعاظ وكل من يتعاطى تربية الجيل المسلم على التوظيف المباشر للكتاب والسنة في إعداد وتربية الجيل المسلم وذلك من خلال المعادلات التربوية المتوازنة والمبثوثة في الكتاب والسنة والتي تتناول الإعداد العقلي والعلمي والإعداد النفسي والعاطفي والإعداد العملي والميداني مستفيدين من الخدمة العلمية الأمينة من قبل علماء المسلمين الموثوقين في القديم والحديث.
مميزات النظرية ومقوماتها الرئيسة:
وتتميز هذه النظرية بالمقومات التالية:
1- البعد عن الفلسفات وعن التعقيد الذي أضر كثيرا بتربية الجيل المسلم وأخضع العملية التربوية لتأثير الحضارات الوافدة والمؤسسة على العقائد الفاسدة والإعجاب الشديد بفنون الغرب ولغته دون أن تخل هذه الميزة في المعادلة باستفادة المسلم من علوم الآخرين.
2- التأثير المباشر للنظرية وذلك لتعلق هذا الأداء التربوي بالكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وتعلقه بالهدي النبوي الكريم.
3- السرعة في الإنجاز والإعداد خاصة في مواجهة عوامل التغيير والاستقطاب النفسي والعقلي الذي باتت تفرضه العولمة ومعطياتها.
4- بث القاموس القيمي الموحد بين أبناء الأمة والذي عادة ما تتميز به أجيال النهضة الإسلامية المتجددة وقدرة أبناء الأمة على استيعاب وفهم مفردات هذا القاموس بيسر وسهولة ولتعلقه مرة أخرى بالكتاب العظيم وبسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام.
5- الذاتية والمبادرة التي تترتب على هذا النوع من الأداء التربوي في الأجيال المسلمة والتي سوف تؤهلها للتعامل مع أشد البيئات قسوة وشدة.
6- التوازن التربوي الذي تفرضه المعادلات القرآنية والسنية في التعاطي مع جوانب الحياة وعدم الانجذاب مع التضخم والخلل في جوانب محددة.
7- التخفيف من ضغوط المناهج المتعارضة والتي تولدت في ظل اجتهادات وتنافس الجماعات الإسلامية المعاصرة حيث كان لتركيز كل جماعة على اجتهاد محدد وجانب من العلم والعمل أثره في تباين الأداء الإسلامي المعاصر مع العلم بأن الجميع يأخذ من نفس المعين المبارك ويعتمد نفس الأصول، وفي حال اعتماد هذه النظرية فإن الأمل أن يحقق ذلك تخفيفا من حالة الاستقطاب المنهجي المتحققة في الميدان الدعوي ويؤدي بدوره إلى تقارب وتكامل الأجيال في الأمة.
8- إنصاف العملية التربوية من العملية التعليمية وتقديم العملية التربوية عليها وإنجاز الأداء التربوي في وقت محدد وبشكل قاعدي يسمح للمسلم أن ينطلق في الحياة وقد استوفى عدته للتعامل مع الحياة ويبقى المسار العلمي وتحصيل العلم مفتوحا يطلب المسلم المزيد منه دائما: )فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً( (طـه:114).
قائمة المعادلات:
1- المعادلة العقدية والإيمانية
2- المعادلة الجهادية
3- المعادلة السياسية
4- المعادلة النفاقية والأمنية
5- معادلة الاستضعاف والتمكين
6- معادلة إعداد المرأة المسلمة والجيل المسلم
7- معادلة الإبداع الجماعي والفردي
8- معادلة أهل الكتاب والمشركين
9- معادلة التأهيل القيادي
كما يمكن استخراج معادلات أخرى غير المذكورة آنفا من القرآن والسنة.
الدليل التربوي لتطبيق النظرية:
وحتى يمكننا تفهم عمل تلك المعدلات ومن ثم توظيفها التوظيف الدقيق والحاسم في معادلة النهوض الحضاري للأمة المسلمة فإنه ينبغي علينا التوقف عند الدليل التربوي المختصر التالي:
1- لكل معادلة من المعادلات المذكورة أو أي معادلة أخرى يمكن استخراجها من القرآن والسنة عواملها الدقيقة والمتكاملة والتي تشكل عناصرها الرئيسة تماما كالمعادلة في علم الرياضيات وعليه فإن أهم ما في جوانب التوظيف في هذه النظرية هو أخذ عوامل أية معادلة أخذا كاملا ووافرا فهي تشبه العملية التعليمية المتكاملة والتي لا بد أن تستوفي وحداتها التعليمية التي تشكل مسارا قائما بذاته ومن أمثلة ذلك المعادلة النفاقية والأمنية فلا بد من تتبع كل ما ورد في موضوع النفاق وأثره على المجتمع المسلم وطرائق التعامل معه وذلك في الكتاب والسنة وحينئذ يمكن ضمان استلام الجيل الذي تلقى هذا النوع من الإعداد المعادلة وافرة وكاملة.
2- يعتمد التوقف المتأني والمستوفي للتفاصيل مع كل وحدة في المعادلة عند القيام بالعملية التربوية وتستخرج تلك التفاصيل من مظانها الرئيسة في المتون سواء في التفسير أو في السيرة وعلم الحديث والعلوم الخادمة قدر المستطاع على أن يستوفى مراجعة أكثر من متن حتى تستخرج الكنوز التربوية من باطن تلك المتون.
3- على المربيين أن يلاحظوا ويتتبعوا العوامل السننية أي المتكررة في المعادلات المختلفة والتي تساعد على فهم الحالات المشابهة في كل زمان ومكان والتي يمكن من خلالها قراءة المستقبل وليس الواقع فقط وهذا جانب من جوانب الحكمة المبثوثة في القرآن والسنة: )يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ( (البقرة:269).
4- على المربين أن يتوقفوا عند الظروف المحيطة بالمواقف المختلفة المتعلقة بالمعادلة قيد الدرس والمتعلقة بأسباب التنزيل وغيرها وأن يدفعوا بالجيل المتلقي لكي يعايش أحداث السيرة أو مفردات المعادلة فكأنه جزء منها.
5- لا يوجد هناك تقسيم للمستويات التربوية المعهودة في تعليم المعادلات لتميز الوحدات بالاستقلال والتكامل في آن واحد ويمكن أن يقاس مستوى المتلقي نسبة إلى استيفاء تلقيه لوحدات ومفردات المعادلة كلها ونسبة إلى قدرته على الاستيعاب والفهم الكلي ثم مدى انعكاس العملية التعليمية على واقع المتلقي وتأثره بها وتطبيقه لها.
6- ينفتح باب الإبداع التربوي في تعليم هذه المعادلات على مصراعيه فيمكن للمربين أن يتفننوا في توصيل المادة وأن يستخدموا بعضا من الفنون الحديثة والوسائل التعليمية في تعميق الفهم وزيادة الاستيعاب كمن يستخدم الخرائط الرملية في استيعاب غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم ضمن المعادلة الجهادية وكمن يستخدم الهندسة العصبية أو لغة الجسد لفهم الحالات النفاقية المختلفة ضمن المعادلة النفاقية والأمنية وهكذا.
7- على المربين أن يستخدموا المعادلات استخداما معاصرا وأن يوظفوها توظيفا عمليا لرؤية واقع المسلمين من خلالها وأن يعلّموا المتلقين فنون تلك الرؤية والمقايسة كتقييم المواقف السياسية في الأمة وكرؤية الأثر النفاقي على ساحات المسلمين المختلفة وكتقييم علاقة الأمة بالأمم الكافرة وغير ذلك.
8- لا تتناقض العملية التربوية باستخدام هذه المعادلات مع المناهج التربوية المعاصرة والمتبناه من قبل الجماعات الإسلامية والحركات الإسلامية المختلفة بل تتكامل معها كما تخفف من تباينها وتقرب بينها.
نماذج وحدات ومفردات المعادلات ومجالات التوظيف:
النموذج الأول : المعادلة العقدية والإيمانية
وفي هذه المعادلة يمكن التوقف عند الوحدات والمفردات التالية (للمثال لا للحصر):
§ وحدة الإيمان بالله عز وجل والخضوع له والتعلق به والتوكل عليه ومحبته وإخلاص العبودية له وغير ذلك من جوانب عبادة الله تعالى وتوحيده.
§ وحدة بناء أركان العقيدة الإسلامية الستة في عقول ونفوس المسلمين حتى يستقر ذلك البناء ويؤتي أكله وآثاره المباركة في تغيير الأحوال والتعامل مع التحديات.
§ وحدة بناء العقيدة على الأسس التي ارتضاها أهل السنة والجماعة في إثبات الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية والألوهية والرجوع في ذلك إلى ما كان عليه سلف الأمة من وسطية وفهم.
§ وحدة نبذ مظاهر الشرك والتصرفات التي تناقض التوحيد وتناقض إفراد الخالق بالعبودية مما وقع فيه بعض المسلمين جهلا وتقليدا وتعصبا.
§ وحدة الدعوة إلى الإسلام في أوساط غير المسلمين من أصحاب الديانات الكبرى والمذاهب المادية التي تسود العالم وبيان فساد تلك الأديان والمذاهب والرد على الشبهات التي تصاحبها.
§ وحدة الدعوة إلى دين الحق في أوساط المذاهب التي انحرفت عن الإسلام والرد على شبهاتهم خاصة ممن سعوا في العقود الأخيرة إلى تقديم مذاهبهم كتعبير عن الوجود الإسلامي في العالم وممن سعوا إلى غزو أهل السنة بمذاهبهم المنحرفة.
أما مجالات التوظيف الميداني لوحدات ومفردات هذه المعادلة فهي بينة قد تأسست على عظمة الإسلام وقوة تأثيره في نفوس أتباعه باستقرار العقيدة الحقة في نفوسهم والتي بها يتغير كل شيء ويصطلح حال المسلمين في كل مكان وزمان.
النموذج الثاني : المعادلة الجهادية:
وفي هذه المعادلة يمكن التوقف عند الوحدات والمفردات التالية (للمثال لا للحصر):
§ وحدة المعادلة الجهادية المتكاملة في القرآن والسنة وفيها : استعراض كل المواقف الجهادية في القرآن الكريم والسيرة النبوية المطهرة بتفاصيلها وأجوائها خاصة الغزوات والمعارك الكبرى في صدر الإسلام وتاريخ الفتوحات.
§ وحدة مضي واستمرار الجهاد إلى قيام الساعة وفيها: تفسير وشرح الآيات والأحاديث الواردة في هذا الشأن، كيف طبق المسلمون هذا المبدأ في تاريخهم القديم والحديث، كيف ارتبطت إشارات النبي صلى الله عليه وسلم بهذا المبدأ في فتح القسطنطينية وغير ذلك من الإشارات.
§ وحدة أثر عداوة الكفار العملية ومواصلة اعتداءاتهم على المسلمين وعلاقة ذلك بالمسار الجهادي، فاعتداؤهم يحدد الاستجابة الواجبة على المسلمين: )أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَأُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ( (التوبة:13) وبأس الكفرة الموصول لا يصده إلا ثبات المؤمنين وقتالهم: )فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً( (النساء:84) .
§ وحدة الإعداد للجهاد وفيها: الإعداد النفسي واستصحاب نية الجهاد دائما والتطلع لخوض الجهاد كأعلى ذروة في الإسلام التطبيقي، الإعداد الفني والمهاري وضرورة تعلم كل الفنون المتعلقة بالجهاد، الإعداد البدني الشاق والتركيز على نماذج السيرة في ذلك.
§ وحدة خطورة ترك المسلمين للجهاد وفيها : تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، الآثار العملية على الأمة المسلمة لترك الجهاد، ارتباط الجهاد ببقية مبادئ الإسلام وتكامله معها، كيف عمل الكفار على هدم الجهاد في نفوس المسلمين.
§ وحدة أثر الجهاد المعاصر على واقع المسلمين ومستقبلهم وفيها: آثار الجهاد في أفغانستان على هدم النظام الكفري الدولي، آثار الجهاد في فلسطين على الأمة المسلمة، علاقة بؤر الجهاد بعضها ببعض.
§ وحدة تكامل الأداء الجهادي والأداء الدعوي وعدم انفصامهما وفيها: استعراض الآيات والأحاديث التي تتعلق بهذه الوحدة والوقوف على دقائق الأحكام فيها، استعراض آراء العلماء المعتمدين في تاريخ المسلمين في هذه المسألة.
§ وحدة توظيف الواقع والمعاناة لصالح الأداء الجهادي وفيها: يعتمد كسر معادلة الغثائية في الأمة على توظيف الفقر وبساطة البيئات لا على البيئات الغنية والتنمية المستقرة التي خدع بها المسلمون كثيرا وجعلت قلوبهم تتعلق بالدنيا، استصحاب أمثلة ذلك من السيرة وتاريخ المسلمين القديم والحديث وكيف خرّجت بيوت الصفيح والأزقة الضيقة والقرى النائية المبنية بالطين المجاهدين المعاصرين في فلسطين ومن قبل في أفغانستان، ورؤية الصورة الحقيقية في رغبة الكفار وادعاؤهم بتحديث المسلمين فهم يعنون بذلك القضاء على إمكانات المقاومة لديهم ولذا لم يعمل سحرهم في بيئات المسلمين البسيطة كالصومال واليمن وغيرها.
§ وتتسع رقعة التوظيف لهذه المعادلة حتى تشمل الأمة كلها وهو توظيف معنوي ومادي أما المعنوي فهو زرع روح المقاومة والصبر والثبات وإعداد الأجيال لمتطلبات المسيرة الجهادية المعاصرة والتي هي في نمو وتزايد وليست في انحسار وانكسار كما يظن البعض وأما التوظيف المادي والعملي لهذه المعادلة فهي في التجاوب مع التطورات وإمداد الجبهات الساخنة بالمجاهدين والعلماء والفنيين في كل التخصصات.
النموذج الثالث : المعادلة السياسية:
وفي هذه المعادلة يمكن التوقف عند الوحدات والمفردات التالية (للمثال لا للحصر):
§ وحدة دراسة أسس الأداء السياسي الواردة في القرآن والسنة ومن خلال الآيات والمواقف المختلفة في السيرة.
§ وحدة تبعية الأداء السياسي التكتيكي وعموم الأداء السياسي للتصور الاستراتيجي في الأمة.
§ وحدة مراعاة الأداء السياسي وعنايته بالمصالح العليا للأمة.
§ وحدة التحذير من التوظيف الاصطلاحي السياسي لدى الكفار في تعاملهم مع المسلمين.
§ وحدة دراسة الأسس الثابتة لدى الكفار في تعاملهم مع المسلمين من خلال القرآن والسنة.
§ وحدة العلاقة الاستراتيجية الثابتة بين عقائد الأمم المختلفة وأدائها السياسي.
§ وحدة إمكانية فرز مصالح الأقاليم الإسلامية المختلفة في المستوى القاعدي واستحالة تناقضها في المستوى الأعلى وذلك عند نقطة المصالح العليا للأمة.
§ وحدة دراسة المرونة السياسية وحدودها واستخداماتها الميدانية.
§ وحدة تأصيل المفاهيم السياسية الكبرى في الأمة والتي تتعلق بالأداء الكلي فيها كمفهوم الأمة ومفهوم المصالح العليا ومفهوم المواطنة والجنسية ومفهوم المقدسات ومفهوم الجهاد ومفهوم الأقاليم الإسلامية ومفهوم ثروات المسلمين ومفهوم محاسبة المسؤولين والأمراء... الخ.
وتتنوع مجالات التوظيف لهذه المعادلة وإن كانت تتركز في المقام الأول إلى صناعة رأي عام في الأمة يلتقي حول المسارات الاستراتيجية لها ولا يختلف عند شدة الأزمات كما يشمل التوظيف الإعداد المبدئي للطواقم السياسية ودفعها للمواقع المتقدمة في الأمة.
يتبع
.
.
.
.