الرئيسية
تتعدد أشكال المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غرة في ظل الارتفاع المتزايد في معدلات الفقر والبطالة، لا سيما مع استمرار الحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل منذ أربعة سنوات متتالية.
عائلة المواطن أبو جبر القصاص مكونة من " 10 أفراد " أكبرهم خمسة عشر عاماً وأصغرهم لا يتعدى الستة أشهر، تقطن داخل بيت يفتقد لأدنى مقومات الحياة بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وتتفاقم معانات هذه العائلة يوماً بعد يوماً، بفعل الفقر الشديد الذي ينخر جسدها، بعدما أنقطع معيلها عن العمل على بسطة لبيع " الطُحال ".
وتقول ربة الأسرة أم جبر "35 عاماً" أنها "لا تذكر أن عاشت يوماً هنيئا كباقي البشر"، لكن بعزيمتها وصمودها على البقاء تأقلمت مع هذا الواقع المرير، وما زالت تشق طريق الأمل بالحياة، وتتخطى أشواك البؤس والفقر المدقع .
تعيش أم جبر مع أسرتها في بيت لا تتعدى مساحته 70 متر مربع، له سقف من " الزينجو "، وأرضية من البلاط التالف ويتكون من غرفتين ومطبخ وحمام "مصمم داخل أحد الغرف" التي يفصلها عن بعضها قطع من الخشب والقماش، ويخلو هذا البيت من أي قطع أثاث، إلا بعض المتهالكة وغير صالحة للاستخدام .
وتشير أم جبر إلى أن هذا البيت قد تم بنائه قبل عامين من مخلفات البيوت المدمرة من القصف الإسرائيلي وبقايا بيوت قديمة ومساعدات عينية من قبل " أهل الخير والأقارب"، حتى أصبح على شكل بيت من الخارج بينما يختلف كلياً عن الداخل.. حيث لا يتوفر بداخله أي فراش، ولا مكان مناسب للنوم، علاوة على الثغرات المتواجدة في السقف، والتي تتسبب بغرق البيت بمياه الأمطار في فصل الشتاء، إضافة إلى جدرانه الغير مشيدة .
نبحث عن طعام ..!!
وتسهب أم جبر في شرح معاناة عائلتها بأن زوجها تعطل عن العمل قبل حوالي " خمسة أعوام "، بسبب تكبده خسائر تقدر بـ أكثر من" 3 ألاف دولار "، في أعقاب سوء الأوضاع المعيشية وعدم الإقبال على شراء "الطُحال" ..، مما فاقم من وضعهم المعيشي المتردي أساساً، ليجعلهم يقعوا في حلبة الفقر المضني كرقم جديد إلى جانب الكثير من العائلات من أمثالهم ..
وبعد أن وطأت أم جبر رأسها للأسفل قالت بنبرة من الحصرة والبؤس " بيتنا خالي من جميع أنواع الطعام، ونسمع عن اللحمة سمع..، وكذلك بالنسبة للفواكه والكثير من الخضروات، وعندما تدخل اللحمة بيتنا يعم البيت فرحة وكأنه يوم عيد ..!!، وأحياناً يمر علينا أيام دون تناول وجبة غداء أو عشاء ..!!
انتشار بعض الأمراض ..
ولم تتوقف معاناة عائلة أم جبر عن هذا الحد، حيث يصاب جميع افرادها بمرض فقر الدم "الأنيميا" نتيجة لقلة التغذية، كما ينتشر بين الأطفال مرض جلدي، إلى جانب إصابة زوجها بعدة أمراض أنهكت جسده " الم في المعدة، الروماتيزم، البواصير "، إضافة لإصابة والدة زوجها التي تقطن معهم بنفس البيت بهشاشة العظام وأزمة صدرية ..
بدنا نعيش فقط ..
وبالرغم من وضع العائلة الذي يفوق الوصف لصعوبته، يتميز أبنائها بحفظ كتاب الله، حيث يحفظ احد أطفالها والبالغ من العمر 6 سنوات القرآن الكريم عن ظهر قلب، فيما تحفظ شقيقته نصف القرآن. وتقول أم جبر انها لا تستطيع توفير المستلزمات المدرسية لأطفالها المتفوقين " ويتم إرجاعهم من المدارس في كثير من الأحيان لعدم التزامهم بالزي المدرسي وعدم قدرتهم على سد متطلبات المدرسة من رسوم وبعض الأنشطة الفصلية".
" بدنا نعيش فقط " بهذه العبارة التي تخترق القلوب المتحجرة، اختتمت أم جبر حديثها متمنية بأن يتغير حالهم للأفضل وناشدت أصحاب الضمائر الحية والقلوب الرحيمة
إيجاد مسكن ملائم لها ولأطفالها، وتوفير راتب شهري "رمزي" يعين عائلتها على تلبية أدنى احتياجاتها المحرومة منها ...
