آه من جرح الزمن ، وآه من قسوة الأيام . كلما تماثل قلبي للشفاء عادت بي الذاكرة إلي من كُتب
عليهم الفناء ، نعم عادت إلي ذلك الزمن الجميل والي تلك اللحظات الوردية ، لقد مضي وقت علي
رحيل من كان لهم من القلب نصيب ، رحلوا ولم يتركوا وراءهم إلا تلك الكلمات التي لازالت تتردد
علي مسامعي من حين لآخر ، فيا ليت عقارب الزمن ترجع للخلف ، لألتقي بهم ولو ثانية ، وأبكي
بين أحضانهم،وأذرف الدمع علي أعتاب أقدامهم وأقل لهم أن الزمان قد تغير بعدكم .
يال حماقتي ، اطلب من عجلة الزمن أن تدور للخلف !!!!! لو كانت عقارب الزمان ترجع للخلف حقاً ،
لما عرفت معني الوداع ،ولما تكالبت علي َّ الجراح أو أحسست بمعني الضياع ، ولما تجرعت عيني
الدمع من كأس الحزن . نعم برحيلهم حُكِـم علي سعادتي بالإعدام ، لقد ذبلت زهرة عمري قبل
أوانها ، واشتعل رأسي شيبا قبل المَشِيب ، كم سهرت الليالي الطِـوال أُطارد طيفهم في أحلامي
،وأتبع خيالات ذكراهم في يقظتي ، لعلي أجد في ذلك ما يخفف عني لهيب أشواقي التي
ستنطفئ بعد حين .
نعم ستنطفئ بعد أن أُطفئ آخر شمعة أمل كانت لي برجوعهم ،ولكن تلك هي الحياة يا قلبي ،إن
أعطتك السعادة يوماَ بيُـمناها ، سلبتها منك لتعطيك الحزن بيُـسراها .
آه يا قلبي كم عذبتك الآلام والجروح ،وأسهرتك الذكريات والدموع علي ضوء الشموع .
فلا تبكي ياعيني علي أُناسٍ قد رحلوا من هذا العالم بلا رجعة . فمن الآن عليكي بتقديم طلب
الاستقالة من وظيفة السهر ، فلا سهر بعد اليوم ،لأن من لم تتلذذي بطعم النوم من أجلهم
،أصبحوا الآن في عالم النسيان .
لقد رحلوا ليحتضنوا التراب ، فقد انتهي أجلهم وتوقفت عقارب زمنهم عند هذا الحد .
فيكفي يا عيني ما سكبتي من دمع ، ويكفيك يا قلبي ما تحملته من جروح . الآن سأطوي
الماضي بيدي ،وسأعلن منذ الغد موعد ميلادي الجديد ، لا لأني خُنت الوعد والعهد لمن سكن
قلبي ، بل لأنه من الغباء أن تسير باقي حياتي علي ذكري أُناسٍ فارقوا الحياة وما عادوا يسمعوا
كلماتي أو آهاتي .
من الآن فصاعدا ستتوقف عيناي عن سكب الدموع ، وسأبدأ في عيد ميلادي الأول بإشعال الشموع ......
تحياتي
osama