كان اللعاب يسيل من فم الفأر ، وهو يتجسس على صاحب المزرعة وزوجته ،
وهمايفتحان صندوقا أنيقا ، ويمنِّي نفسه بأكله شهية ، لأنه حسب أن الصندوق يحوي
طعاما ، ولكن فكه سقط حتى لامس بطنه بعد أن رآهما يخرجان مصيدة للفئران من
الصندوق ، وإندفع الفأر كالمجنون في أرجاء المزرعة وهو يصيح لقد جاءوا بمصيدة الفئران
يا ولينا لقد حاصرونا و أغلقوا علينا كل المعابر هنا صاحت الدجاجة محتجة :
إسمع يا فرفور المصيدة هذه مشكلتك أنت فلا تزعجنا بصياحك وعويلك تراك أقلقتنا وبعدين معاك
،فتوجه الفأر إلى الخروف : الحذر ، الحذر ففي البيت مصيدة
فابتسم الخروف وقال بعد أن اعتدل قليلا في جلسته ووضع حزمة البرسيم التي كان يغازلها
كحبيبته وعينيه فيهما شيء من الغضب : يا جبان يا رعديد ، لماذا تمارس السرقة والتخريب
طالما أنك تخشى العواقب ثم إنك المقصود بالمصيدة فلا توجع رؤوسنا بصراخك،
وأنصحك بالكف عن سرقة الطعام وقرض الحبال والأخشاب تراك طيرت من راسنا المزاج مع البرسيم ،
هنا لم يجد الفأر مناصا من الاستنجاد بالبقرة التي قالت له باستخفاف : يا خراشي يالهوي ..
ينهار مدوحس .. إيه الكلام الي بتقوله ده إيه في بيتنا مصيدة
.. يبدو أنهم يريدون اصطياد الأبقار بها
هل أطلب اللجوء السياسي في حديقة الحيوان ؟ أم هل أستنجد بهيئة الأبقار الدولية و قوات الثيران
الدولية ، عندئذ أدرك الفأر أن سعد زغلول كان على حق عندما قال قولته الشهيرة " مفيش
فايدة " و قال في نفسه " إنتو مبتصدقوش إلا لما تجي رجليكم في المصيدة عاملين
زي إلي ببالي .. ؟؟؟ "
وقرر أن يتدبر أمر نفسه ، وواصل التجسس على المزارع حتى عرف موضع المصيدة ،
ونام بعدها قريرالعين بعد أن قرر الابتعاد من مكمن الخطر ، وفجأة شق سكون الليل
صوت المصيدة وهي تنطبق على فريسة ، وهرع الفأر إلى حيث
المصيدة ليرى ثعبانا يتلوى بعد أن أمسكت المصيدة بذيله ثم جاءت زوجة
المزارع ، وبسبب الظلام حسبت أن الفأر راح فيها ، وأمسكت بالمصيدة فعضها الثعبان .
فذهب بها زوجها على الفور إلى المستشفى حيث تلقت إسعافات أولية ، وعادت إلى
البيت وهي تعاني من ارتفاع في درجة الحرارة ، وبالطبع فإن الشخص المسموم
بحاجة إلى سوائل، ويستحسن أن يتناول الشوربة .
وهكذا قام المزارع بذبح الدجاجة ، وصنع منها حساء لزوجته المحمومة، تدفق الأهل والجيران
لتفقد أحوالها، فكان لابد من ذبح الخروف لإطعامهم ولكن
الزوجة المسكينة توفيت بعد صراع مع السموم دام عدة أيام ، وجاء المعزون
بالمئات واضطر المزارع إلى ذبح بقرته لتوفير الطعام لهم .
فإنني أذكرك بأن الحيوان الوحيد الذي بقي على قيد الحياة هو الفأر ، الذي كان مستهدفا
بالمصيدة، وكان الوحيد الذي استشعر الخطر ، ثم فكر في أمر من يحسبون أنهم بعيدون
عن المصيدة فلا يستشعرون الخطر بل يستخفون بمخاوف الفأر
الذي يعرف بالغريزة والتجربة أن ضحايا المصيدة
قد يكونون أكثر مما تتصورون
:wafaqaqum: