دبي - أحمد الشريف، جدة - حسن حاميدوي
أيد كبير المفتين في دبي الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد إرجاء أداء العمرة لبضعة اسابيع، لحين السيطرة على فيروس "انفلونزا الخنازير" واستقرار الوضع الصحي العالمي، معقباً بذلك على دعوة وزير الصحة المصري حاتم الجبلي.
وأضاف أنه أيضاً "يجب تقليل تكدس المصلين في المساجد إذا كان يشكل خطراً".
ويأتي كلام مفتي دبي في الوقت الذي أفتى فيه عالم سعودي معروف بحرمة تجاهل الإرشادات الصحية المتعلقة بمرض "إنفلونزا الخنازير"، والصادرة من الجهات المتخصصة.
تأجيل العمرة
وقال الحداد في حديث لـ"العربية.نت" الاثنين 11-5-2009 إن "الوزير المصري دعا للابتعاد عن التجمعات التي تعد السبب الرئيس في انتقال العدوى بالفيروس، ورأى ان الاسلم ارجاء اداء العمرة لعدة اسابيع باعتبارها من تلك التجمعات"، مضيفا "هو بذلك يعلن الرأي العلمي الطبي، ومن المنظور الديني هذا أمر جائز شرعاً وعقلاً، وهـو مـن الحجـر الصحي الذي نادى به الإسلام".
واضاف "اذا كان هناك ضرر من التجمع اثناء اداء العمرة، فندعو للتأجيل، اما اذا كان الوضع سالما، ولاخطر فلا داعي لذلك".
وأكمل "اذا كان ازدحام المصلين في المساجد يشكل خطرا، فيجب عليهم تقليل التكدس داخلها، وتوسيع المسافات بين الصفوف، والصلاة في ساحتها الخارجية، اتقاء للعدوى".
الحجر الصحي في الاسلام
وحصلت "العربية.نت" على نص فتوى اصدرها الحداد، بهذا الشأن، قال فيها: ما صرح به وزير الصحة المصري، هو أمر سائغ شرعا وعقلا، وهو من الحجر الصحي الذي نادى به الإسلام، فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يوردن ممرض على مصح"، وذلك لئلا يكون وروده سببا في أذية قوم آخرين، والله تعالى أناط الأدواء بأسباب عادية، فلو توقاها المرء لنجا منها بفضل الله تعالى.
وأضاف "طبق هذا المنهج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم أن خرج إلى الشام، وعندما علم أن الوباء قد وقع بها، عاد عملا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سمعتم به (الوباء) بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه".
واعتبرت الفتوى ان هذا "هو منهج الإسلام حينما تحل الكوارث، لان الوقاية خير من العلاج".
و اشترط الحداد ان يتم ذلك "للبلاد التي حل فيها الوباء، أو يتوقع أن يحل فيها، فلا يعمم على كل بلدان العالم".
ترك صلاة الجماعة مرفوض
وحول الدعوة بإقامة صلاة الجمعة في الخلاء قال الحداد "لا تترك الصلاة في المساجد في الجمع والجماعات لتوهم المرض، لأن هذا الاجتماع هو في البلد نفسه، فليس فيه انتقال العدوى من بلد لآخر، ويمكن أن يتفادى خطره إذا كان متوقعا بقوة، بالوقايات المتاحة من كمامات ولقاح ونحوها".
وأضاف "يتعين على المصاب بمرض معد الا يخرج من منزله، ويجب أن يحجر عليه في المحاجر الصحية لئلا يصيب الآخرين، لكن لا تترك شعائر الجمع والجماعات لغير المرضى بأي حال".
واوضح ان "الجمعة لا تصح في الفضاء من غير بناء عند كثير من أهل العلم كالشافعية، بل لا بد أن تكون في أوساط أبنية المجمعين وفيما يسمى مسجدا، والجمعة فرض عين على الرجال البالغين المقيمين فلا يترك فرض العين إلا عند تحقق الخطر".
واكمل "أما الجماعة فهي فرض كفاية ولا يشترط لها مسجد، ويمكن أن تقام في أي بلد، ولكن لا تعطل المساجد عن إقامة الشعائر بأي حال".
ودعا الحداد الى التقليل من تكدس المساجد "لا مانع من أن يكون الناس متفرقين في المسجد وساحته، بحيث لا يتكدسون داخله لاسيما اذا كان ضيقا، ومرافق المسجد لها حكم المسجد مهما اتسعت أرجاؤه فإن كانت الصفوف خارجه فالشرط ألا تتباعد عن 300 ذراع أي150مترا عن الإمام أو آخر صف من المسجد، فلا مانع أن يتوزع الناس وتتباعد الصفوف إذا خشي انتشار هذه الإنفلونزا".
رفض تجاهل التعليمات الصحية
إلى ذلك، أفتى عالم سعودي معروف بحرمة تجاهل الإرشادات الصحية المتعلقة بمرض "إنفلونزا الخنازير"، والصادرة من الجهات المتخصصة، مشيرا إلى ضرورة التجاوب مع التوجيهات التي تقدمها الوزارات المعنية والمبنية على المعرفة العلمية لمثل هذا المرض.
وقال الدكتور علي بن عمر بادحدح، المحاضر بجامعة الملك عبدالعزيز، لـ"العربية.نت" إن الإسلام يولي النفس البشرية أهمية كبرى ويضع الحفاظ عليها في أقصى اهتماماته باعتبارها احد أعظم مقاصد الشريعة، مستشهدا في المنهج الإسلامي للوقاية من الأمراض الوبائية بالحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (فر من المجذوم فرارك من الأسد).
وأضاف "قضية الوقاية لمنع انتشار المرض من المطالب الدينية الملحة وهي من باب الأخذ بالأسباب و طلب الاستشفاء والمعالجة دون ترك التوكل على الله سبحانه وتعالى".
ودعا الدكتور بادحدح الدعاة وأهل العلم بضرورة الانخراط في جهود التوعية ومكافحة مرض انفلونزا الخنازير عبر منابر الجمعة والمحاضرات والوسائل الإعلامية.
وحرم بادحدح على من يشتبه في نفسه بإصابته بالوباء من الاختفاء أو الامتناع عن الحجر الصحي باعتبار صحته هنا لا تخصه وإنما تخص المجتمع كله.
وأكد أنه لا يجوز شرعا أن يخفي نفسه بل عليه أن يراجع الجهات المختصة لأنه بذلك السلوك سيتسبب بإلحاق الضرر المتيقن على الآخرين.