--------------------------------------------------------------------------------
سئل معروف: بم تخرج الدنيا من القلب؟ فقال: بصفاء الود، وحسن المعاملة،
وللصفاء علامات ثلاث ، وفاء بلا خوف ، وعطاء بلا سؤال، ومدح بلا جود..
ثم إن الوفاء متصل بالصفاء ، والرضا متصل بالمحبة .
ظفرتم بكتمان اللسان فمن لكم ... بكتمان عين دمعها الدهر يذرف
حملتم جبال الحب فوقيا وإنني .... لأعجز عن حمل القميص وأضعف
فيا ليتني أستطيع حمل القميص ، و رد الجميل لأهل الوفاء ..
قال الحريري: " تعامل القرن الأول فيما بينهم بالدين زماناً طويلاً حتى رق الدين،
ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى قل الوفاء، ثم تعامل القرن الثالث بالمروءة
حتى ذهبت المروءة، ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم صار
الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة ". قال الشيخ: وكنت أستحسنها له حتى رأيت
مثلها للشعبي، وأظنه زاد، وسيأتي ما هو أشد... و ها نحن اليوم نسمع و نرى
بأم أعيننا كيف صار التعامل بين المسلمين على أساس الانتماءات الحزبية ، و
المذهبية...!!! بل أشد من ذلك كله ، أن الواحد منهم يستثقل أخا له في الدين ، و
يبخل عليه بدعاء الأسحار ، و هو بين يدي العزيز الغفّار ..!!! تحت ذريعة " إن
لم تكن معي فأنت ضدي " ! و هي قاعدة خاطئة من صنع الشيطان ، و تدبيره..قد
تجد من يخالفك الرأي أوفى و أصدق ممن يجاريك و يسبح معك في أهوائك..
عن الأَصمعِي قال : " إذا أَردت أَن تعرفَ وفاء الرَّجل ووَفاء عهده فانظر إلى
حنينه إلى أوطانه وتَشَوقه إلى إخوانه وبكائه على ما مضى من زمانه " .
فَسَدَ الزَّمَانُ وَزَالَ فِيهِ الْمُقْرِفُ ... وَجَرَى مَعَ الْفَرَسِ الْحِمَارُ الْمُوكَفُ
ولعبد اللَّه بن المُبارك :
ذَهَبَ الرِّجَالُ الْمُقْتَدَى بِفِعَالِهِمْ **** وَالْمُنْكِرُونَ لِكُلِّ أَمْرٍ مُنْكَر
وَبَقِيت فِي خَلَفٍ يُزَيِّنُ بَعْضُهُمْ **** بَعْضًا لِيَأْخُذَ مُعْوِرٌ عَنْ مُعْوِرِ
ولعبد اللَّه بن عبد العزِيز بن ثعلبة :
مَضَى زَمَنُ السَّمَاحِ فَلَا سَمَاحُ*** وَلَا يُرْجَى لَدَى أَحَدٍ فَلاحُ
وَأَضْحَى الظَّرْفُ عِنْدَهُمْ قَبِيحًا**** وَلا وَاَللَّهِ إنَّهُمْ الْقِبَــاحُ
نَرُوحُ وَنَسْتَرِيحُ الْيَوْمَ مِنْكُمْ ***وَعَـنْ أَمْثَالِكُمْ قَدْ يُسْتَرَاحُ
إذَا مَا الْحُرُّ هَانَ بِأَرْضِ قَوْمٍ** فَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي هَرَبٍ جُنَاحُ
وَقَالَ آخَرُ :
ذَهَب التَّكَرُّمُ وَالْوَفَاءُ مِنْ الْوَرَى وَتَقَرَّضَا إلَّا مِنْ الْأَشْعَارِ
وَفَشَتْ خِيَانَاتُ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ حَتَّى اتَّهَمْنَا رُؤْيَةَ الْأَبْصَارِ
كان بلال رضي اللَّه عنه لمَا قَدم المدينة يُنْشِدُ تشَوُّقًا إلى مكةَ ويرفع عقيرته :
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً **** بِوَادٍ وَحَوْلِي إذْخِرٌ وَجَلِيلُ
وَهَلْ أَرِدَنْ يَوْمًا مِيَاهَ مَجَنَّةٍ ****وَهَلْ يَبْدُوَنْ لِي شَامَةٌ وَطَفِيلُ
وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ
قَالَ لِرَجُلٍ وَهُوَ يَعِظُهُ لَا تَتَكَلَّمْ فِيمَا لَا يَعْنِيك وَاعْتَزِلْ عَدُوَّك وَاحْذَرْ صَدِيقَك الْأَمِينَ ،
إلَّا مَنْ يَخْشَى اللَّهَ وَيُطِيعَهُ وَلَا تَمْشِ مَعَ الْفَاجِرِ فَيُعَلِّمَك مِنْ فُجُورِهِ ، وَلَا تُطْلِعْهُ
عَلَى سِرِّك وَلَا تُشَاوِرْ فِي أَمْرِك إلَّا الَّذِينَ يَخْشَوْنَ اللَّهَ